أفضل العبادة انتظار الفرج
مما يُدمي القلب ويُبكي العين ما نراه في هذه الأيام من اقدام بعض الجُهال بالإسلام بحرق أنفسهم أو شنقها عند التعرض لمصيبة دنيوية كعدم وجود عمل أو مال أو أي أمر دنيوي ، واقدام بعض النسوة ببيع جسدها طلباً للمال ، واقدام البعض على سب الدين ، واتهام رب العالمين - حاشا وكلا ونستغفر الله من ذلك - بأنه غير عادل .
لكن حال سلفنا الصالح - رضوان الله عليهم - ( الذين يسبهم وينتقص منهم بعض الملاحدة واللادينيين على صفحات المجلات والفضائيات ) غير ذلك :
في الحديث عن الترمذي: (أفضل العبادة انتظار الفرج) وكما قال سبحانه: (أليس الصبح بقريب)!.. صبح المهمومين والمغمومين لاح، فانظر إلى الصباح وارتقب الفتح من الفتّاح،
وفي الحديث الصحيح: (أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء) وقوله تعالى: (فإن مع العسر يسرا. إن مع العسر يسرا) قال عمر بن الخطاب – وبعضهم يجعله حديثاً- : (لن يغلب عسرٌ يسرين)، ومعنى الآية أنه لما عرّف العسر ونكّر اليسر، ومن عادة العرب إذا ذكرت اسماً معرّفاً ثم أعادته فهو هو، وإذا نكّرته ثم كررته فهو اثنان. وقال سبحانه: (إن رحمة الله قريب من المحسنين)، وفي الحديث الصحيح: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب).
القصة الأولى : حرّ العطش وبرد الفرج - قال أحد السلف: كنت في طريق الحجاز فعطش الناس في مفازة تبوك، فنفذ الماء ولم يوجد إلا عند صاحب لي جمّال، فجعل يبيعه بالدنانير بأرفع الأثمان فجاء رجل كان موسوماً بالصلاح عليه قطعة نطع يحمل ركوة، ومعه شيء من دقيق فتشفّع بي إلى الجمّال أن يبيعه الماء بذلك الدقيق، فكلّمته فأبى عليّ ثم عاودته فأبى. قال: فبسط الرجل النطع ونثر عليه الدقيق ثم رمق السماء بطرفه وقال: إلهي أنا عبدك وهذا دقيقك ولا أملك غيره، وقد أبى أن يقبله. ثم ضرب بيده النطع وقال: وعزّتك وجلالك لا برحت حتى أشرب! فوالله ما تفرقنا حتى نشأ السحاب وأمطر في الحين فشرب الماء ولم يبرح. فكان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: رُبَّ ذي طمرين لا يُؤبَهُ له مطروح بالأبواب لو أقسم على الله لأبَّره.
القصة الثانية - يا مجيب الدعوات - أصاب الفقر والحاجة شيخ القراء في زمانه عاصم بن أبي إسحاق، فذهب إلى بعض إخوانه فأخبره بأمره، فرأى في وجهه الكراهة، فضاق صدره وخرج لوحده إلى الصحراء، وصلى لله ما شاء الله تعالى، ثم وضع وجهه على الأرض، وقال: يا مسبّب الأسباب! يا مفتَّح الأبواب! ويا سامع الأصوات! يا مجيب الدعوات! يا قاضي الحاجات! اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمّن سواك، يلح على الله بهذا الدعاء- حتى قال: فوالله ما رفعت رأسي حتى سمعت وقعة بقربي، فرفعت رأسي فإذا بحدأة طرحت كيساً أحمر، فأخذت الكيس فإذا فيه ثمانون ديناراً وجوهراً ملفوفاً في قطنة، فبعت الجواهر بمال عظيم واشتريت منها عقاراً، وحمدت الله تعالى على ذلك.
القصة الثالثة - فيما يفرج به الهم والغم - دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد ذات يوم، فرأى فيه رجلاً من الأنصار، يقال له أبو أمامة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إني أراك جالساً في المسجد في غير وقت صلاة، قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله! قال صلى الله عليه وسلم: أفلا أعلمك كلاماً إذا قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك؟ قلت: بلى يا رسول الله! قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلت ذلك، فأذهب الله تعالى همي وغمي وقضى عني ديني..
القصة الرابعة - لا حول ولا قوة إلا بالله - جاء مالك الأشجعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أُسر ابني عوف. فقال له: أرسل إليه فقل له إن رسول الله يأمرك أن تكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله. فأتاه الرسول فأخبره، فأكب يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. وكانوا قد شدوه بالقد فسقط عنه فخرج فإذا هو بناقة لهم فركبها فإذا هو يسرح القوم الذين شدوه فصاح بها فأتبع آخرها أولها فلم يفاجئ أبويه إلا وهو ينادي بالباب، فقال أبوه: عوف، ورب الكعبة،.. فقالت أمه: واسوأتاه عوف كئيب بألم ما فيه من القد.. فاستبق الأب والخادم إليه فإذا عوف قد ملأ الفناء إبلا. فقص على أبيه أمره فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: اصنع ما كنت صانعا بإبلك ونزل قوله تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب).