رسالة إلى قُضاة الأرض

رسالة إلى قُضاة الأرض


رسالة إلى قُضاة الأرض / الجزء الأول - بريق منصب القضاء وعلو قدره جعل كثير من الناس في عصرنا الحالي تهفوا إليه طلباً للشرف والمكانة في المجتمع وحسب ، وتراهم يبذلون المال والجهد الكثير من أجل الفوز به ، رغم ضعف قدراتهم العلمية والتأهيلية والشرعية ، وكلما كان حرص الإنسان على طلب تولي أمر ما كلما وُفق فيه ووكله الله تعالى إلى نفسه فيهلك ، والقضاء يحتاج لسعة بال ، وذكاء ، وفطنة .

مزايا منصب القضاء الشرعية : 1- قام به الأنبياء عليهم السلام ، وبعض كبار الصحابة رضي الله عنهم ، وبعض الأعلام من التابعين فمن بعدهم ، ففي القضاء العادل أمرٌ بالمعروف ، ونهي عن المنكر ، ونصرة للمظلوم ، وبه تُعصم وتُسفح الدماء ، وتُثبت ملكية الأشياء وتُسلب ، قال تعالى { وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث}الآية ، وجعله رسول الله صلى الله عليه وسلم من النِّعَم التي يُباح الحسد عليها بقوله ( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعمل بها ) .
2- لعلو رتبته وعظيم فضله جعل الله فيه أجراً مع الخطأ ، وأسقط عنه حكم الخطأ ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر ) – متفق عليه - وإنما أُجِر على اجتهاده ، وبذْل وسعه ، لا على خطئه و كحديث : ( إن الله مع القاضي ما لم يجر ، فإذا جار تخلى عنه ولزمه الشيطان ) ـ [ رواه الترمذي وابن ماجه ، وحسنه الألباني ] ـ وحديث : ( من ولي القضاء أو جعل قاضياً فقد ذبح بغير سكّين ) – [ رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ، وصححه الألباني ] - وحديث : ( القضاة ثلاثة : قاضيان في النار ، وقاض في الجنة ، رجل قضى بغير الحقّ فعلم ذاك فذاك في النار ، وقاض لا يعلم فأهلك حقوق الناس فهو في النار ، وقاض قضى بالحقّ فذلك في الجنة ) – [ أخرجه الترمذي والحاكم من حديث بريدة ، واللفظ للترمذي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ]
3- بعث صلى الله عليه وسلم عَلِي بن أبي طالب إلى اليمن قاضياً ، وبعث مُعَاذاً قاضياً ، وروي عن ابن مسعود أنه قال : ( لأنْ أجلس قاضياً بين اثنين أحب إليَّ من عبادة سبعين سنة ) .